قصص ... وحكايات : طاعون المدينة

القصة الخامسة :
طاعون المدينة

حدثنا الراوي يا سادة يا كرام ... فقال :

يحكى أن طاعونا زار إحدى البلاد فأثقل فيها، ولم يكن ضيفا خفيفا ولا مرغوبا به، فلم يترك بها بيتا إلا زاره، ولم يترك عائلة إلا وأذاق فيها طعما للمرض والموت،وخلف الناس نهب الخوف والذعر .
عندما أنهى زيارته تلك كان قضى على ما يقرب من خمسة عشر ألفا من أهل تلك البلاد، وغادرها ليلحق ببلدة أخرى .
في طريق رحلته إلى مقصده صادفه رجل أهمه شأن هذا الطاعون وما كان فعله والموت الذي تركه، فقال له :
أرأيت ما الذي فعلته في هذا البلد الآمن .. بقيت تنفث فيه من كربات الموت حتى قضيت على خمسين ألفا أو يزيدون من نسائه وأطفاله ورجاله ..
فتعجب الطاعون من قوله، ومن العدد الكبير الذي اتهمه بتسببه بموته، فرد قائلا :
ما تقوله غير صحيح!! فالعدد الذي توليته في البلدة لم يجاوز الخمسة عشر ألفا إلا قليلا.
فأجابه الرجل : ولكن الذين قضوا جاوزوا الخمسين ألفا بكثير .

فأجاب الطاعون : أجل .. الذين قضوا فاقوا الخمسين ألفا بحق، غير أن نصيبي أنا من هذا الآلاف الخمسين لم يكن أكثر من خمسة عشر ألف فقط، أما من تولى البقية المتبقية من الآلاف الخمس والثلاثين أو ما يزيد على ذلك فهو، فهو أبناء البلدة أنفسهم ، بالرعب والخوف والإشاعات واضطراب الناس وسوء تعاملهم مع طاعون من مثلي فيما بينهم وبخوفهم وإفادة بعضهم من ترويج ما من شأنه أن يزيد ممن قضوا . نصيبي أنا لم يكن منقوصا أما البقية المتبقية فالناس أنفسهم هم من تسبب به.