حيفا هنا وهناك

هنا يغسل الفجر تسبيحه الأخير لعش بين سنابل القمح وحداء العتابا وهيهات يا أبو الزلوف , من سفح ٍ بجبل الكرمل لساعتي انتظار, أم نجم تغطي الجبن بقطعة من الشاش في الطيرة حتى لا تمسها الغبار , وأبو جمال في اجزم يضع العلف للماشية كفاية يومه , يترك أبو فرج الباب مفتوحا لتعود إليه فرسه التي فرت من جانب البئر في عين غزال يوم استشهاد عبد الله أبو حمد آبياً ترك القرية بلا ماء فهو وحيدها القادر على إدارة المحرك , أوقفت المحرك طائرة حيث كان هناك ولم يجده أحد , توفيق الأسعد في المنارة يوقف حجر الرحى في معصرة الزيتون خاصته , أم توفيق ( الداية العربية ) في الطريق إلى حيفا يقلها رجا أبو عابد بالمركبة تمنع من الوصول . تلد عائشة طفلها وتموت بين حيفا ويافا , الطائرات تسقط كل ما من شأنه ألا يبقي الحياة , يقصف الجامع في اجزم , ويستشهد موسى الخضر في سهل ألهوته دفاعاً عن أم الدرج , تحمله القرية على فرسه وتضمه ساحة الدار, شاهد الخلاص في الطنطورة ذيب أبو زرد يحمل أوصاف مجزرة الطنطورة : يُخرَج من صف الرجال ويُوقَف جانبا ليرى كيف يموت الرجال على الجدار وتُعتَصَر الأنوثة في بوحِ الممات , هنا حكاية وهناك الحكاية , تودع حيفا قراها , يتناثر الكرمل إلى سيلة الظهر إلى عارة وعرعرة , يمر بيعبد يتوسد جنين ليلته بين الإنقاذ وساعتين , يقف ضابط عراقي آمراً للمدفعية ورجال يصعدون للكرمل استبدلوا المحراث بالبندقية , بلا نساء بلا أطفال بعهد على العودة وعهد السماء , يعدم الضابط في ساحة جنين بتهمة الخيانة الوطنية .
تساوت الوجوه , واتحدت القسمات , لا تمايز هنا ولا ارتقاء , لا تفاوت في الأنساب والألقاب كل الأسماء والمسميات بطاقة هوية خضراء كتب عليها بين قوسين (( مؤقت )) .
بعيدة هي المسافات وشرقاً حيث شروق الشمس تغيب حيفا شرقي النهر وتعانق الجليل واللد والرملة ويافا ووووو , وخيام شرقي النهر, وحكايات لا تنتهي تمتد من البقعة للمدن المفتوحة قبل الإغلاق , صار اسم فلسطين لاجئ
هناك حيفا انكسار الغروب في الخيمة وظل عمودها حبال بأطراف المدن الحبلى بالعار, هنا حيفا ولادة لرغيف خبز جاف وزيت بلا خابية , أم فرج تخيط فستانها الكرملي بيدها وتنقش طبق القش تضع قبة على قطعة معدنية و تصنع ( الطابون ) وتخبز النساء ( القماج )
الحج يوسف الصعبي بين صفين من الرجال يردد في زفاف عريس :
سيروا ع ما قدر الله ويل كاتبوه ربك يسير
تردد الخيام :
عود وارجع يا زمان اجزم جبع عين غزال
يُزَف العريس لعروسه , وخيمة جديدة , ويولد في المخيم عائد

***
بقلم : حمزة صبحي حمزة 4 – 2 – 2010