تسجيل التاريخ وقراءته
صفحة 1 من اصل 1
تسجيل التاريخ وقراءته
الكلمة امانه سيحاسبنا الله عليها
التاريخ
ذلك الماضى العريق المشرف الذى نتطلع إليه ونستحضره ليحفزنا لنستعيد ذلك المجد الذى كناه فى واقعنا ونكرره فى مستقبلنا
أو
هو ذلك الماضى المخزي المشين الذى نحرص على ألا يحدث فى واقعنا وألا يتكرر فى مستقبلنا
ندرسه لنستلهم منه العبرة ونعرف كيف كنا وكيف يجب أن نكون
ودراسة التاريخ وتسجيله ومحاولة تجسيده كما كان فى حقيقته هى مهمة المؤرخين
والمؤرخ الحق هو من يحرص على إعادة تجسيد التاريخ بكل أمانة ودقة كما كان وينقلنا معه لنعيش الحدث واللحظة كما كانوا فعلا
ولكى يفعل المؤرخ ذلك فيجب أن يتمتع بالحيادية التامة من الحدث واللحظة والمكان
أي يجب ألا تكون له وجهة نظر خاصة مسبقة فى الحدث (مع أو ضد) لأنه إذا كانت له وجهة نظر مسبقة سينقلنا إلى الحدث واللحظة والمكان كما كان ينبغى أن يكونوا من وجهة نظره هو وليس كما كانوا فعلا
أي انه سيكتب التاريخ ولن يسجله
وللأسف قليل من المؤرخين من تمتع بتلك الحيادية حتى قيل أن التاريخ كتبه المنتصرون أي أن ما وصل إلينا هو وجهة نظر المنتصر فى الحدث وليس الحدث ذاته
ولهذا رأينا التاريخ يمتلئ بالأبطال الأسطوريين المنزهين عن كل نقائص البشر والذين تتسامى صفاتهم حتى ترفعهم إلى مصاف الآلهة فى القوة والعقل والحكمة وكل الصفات الكريمة والنبيلة بطريقة تتعارض مع منطق كونهم مجرد بشر
ونجده أيضا يمتلئ بالمهزومين وقد وصموا بكل النقائص ونقاط الضعف البشرية والتى تتعارض مع المكانة التى أوصلتهم للصراع مع هؤلاء المنتصرون أنصاف الآلهة
وطبعا هى وجهة نظر المنتصر فى نفسه وفى خصمه كتبها بقوته وسلطته ورجاله ولكنها ليست هى حقيقة ما حدث
ولكنها اكثر ما وصلنا واكثر ما نمتلكه للأسف
وهذا يلقى صعوبة كبيرة أمام المؤرخ الحق الذى يريد أن يصل إلى تجسيد الحقيقة كما حدثت فعلا
ولهذا يجب على كل من يتصدى لدراسة التاريخ أن يقرأ كثيرا فى نوعيه الحدث الذى يبحث فيه أو يستشير أهل التخصص إذا لم يكن متخصصا فيه كما يجب عليه أن يدرس الظروف المحيطة بالحدث ذاته وان يبحث عن اكثر من مصدر للمعلومة إذا تيسر ذلك ويجب ألا يهمل البحث فى دقة تلك المصادر وتحرى مصداقيتها
وفى النهاية يعرض الحدث بكل دقة وأمانة من خلال الحقائق المجردة والأدلة الموجودة فقط
ولو كانت هناك فجوات فى الحدث فيجب ألا يحاول المؤرخ أن يملأها بوجهة نظره الخاصة بل يتركها كما هى ربما يأتي من بعده من يجد من الحقائق والأدلة ما يملأها به
أي أن مهمة المؤرخ هى محاولة استكمال الحدث بالحقائق والأدلة وعرض الصورة التى انتهى إليها بكل دقة وأمانة
وليست مهمته محاكمة الحدث (لان تلك هى مهمة المفكرين وليس المؤرخين)
ولكن للأسف قليل منهم من نجح فى ذلك
ويجب على المؤرخين أن يبتعدوا عن كتابة وجهة نظرهم فى التاريخ لانه سيأتي من بعدهم من يأخذ بها ويعتبرها هى التاريخ ذاته
ولكن للأسف أيضا قليل منهم من استطاع أن يقاوم ذلك الإغراء
ولكن الأمانة تقتضي عليه إذا فشل فى مقاومة ذلك الأغراء( وصمم على أن يقوم بدور المفكر ) أن يوضح بكل صراحة ووضوح أنها مجرد وجهة نظر وليست هى التاريخ
ولكن من يستطيع أن يقاوم أن يكتب التاريخ ولا يكتفى بتسجيله إلا من رحم ربى
نلخص ما قلناه
مهمة المؤرخ أن يسجل التاريخ وليس أن يكتبه
ويجب أن يتمتع بالحيادية التامة ويلتزم الدقة التامة والأمانة
ويجب أن يسعى لتوثيق وتدقيق المعلومة من اكثر من مصدر
وفى النهاية يعرض الصورة كما هى وليس كما ينبغى أن تكون
والآن لنحاول أن نعرف كيف نقرأ التاريخ
لابد أنكم لاحظتم تكرار اعتذارى كثيرا عن بشرية المؤرخين وضعفهم فهم فى النهاية بشر
ولهذا يجب أن نقرأ التاريخ لأكثر من مؤرخ وان نحاول توثيق ما نقرأه وان نحاول قراءة الوثائق فى أصولها وليس صورها مع الوضع فى الاعتبار أن الكثير من الوثائق تم تزويرها فى أصولها أيضا ولهذا يجب أن ننوع مصادر المعلومة ولا نكتفى بمصدر واحد لها
كما يجب أن نلجأ لأهل الاختصاص فى الحدث لنعرف منطقية المعلومة
كما يجب أن نبحث فى ما يحيط الحدث من ظروف وعوامل خارجية
وبعد ذلك يجب أن نعمل العقل تفكيرا فى كل ما وصلنا إليه لنحاول أن نصل إلى الحقيقة كما كانت فعلا
فدراسة التاريخ ليست ترفا لتمضية الوقت فقط بل ندرسه لنستفيد من أخطاؤه ونتجنبها أو لنستلهم روحه لتبث فينا القوة ونستمد منها الأمل
والآن لنأخذ الثورة العرابية بقيادة الزعيم احمد عرابى كأوضح مثال لكتابة المنتصرون للتاريخ وكيف يجب أن نقرأه لنصل إلى الحقيقة
بدأت وقائع تلك الثورة بتمرد احمد عرابى على سلطة الخديوي مما احدث الفتنة فى البلاد مما دفع إنجلترا للتدخل لحماية حقوق الأجانب والاقليات وقاوم احمد عرابى فى كفر الدوار مما دفع الإنجليز للالتفاف والدخول من قناة السويس واصطدموا بالعرابيين فى معركة التل الكبير وهزموهم لعدة أسباب منها جهل الضباط المصريين وسذاجتهم التى تصل إلى حد البله وهو ما ظهر جليا فى قضائهم الليلة السابقة على المعركة فى إنشاد الأناشيد الدينية واستحضار السيدة زينب والسيد البدوى ليقاتلوا معهم الإنجليز الذين هجموا فى الصباح على ذلك الجيش المتعب والمكون فى غالبيته من الغفر والفلاحين الذين لا يجيدون القتال وهكذا سقطت مصر تحت الاحتلال الإنجليزي بسبب سذاجة وضعف ذلك الجيش والخيانة .
وللأسف أننا نجد اسم الدكاترة على مبارك على قائمة من كتبوا ذلك التاريخ
وللأسف أيضا يظهر اسم أمير الشعراء احمد شوقى من بينهم وهو يهجو عرابى عند عودته من المنفى بقوله
صغار فى الذهاب صغار فى الإياب أهذا كل شأنك يا عرابى
وأول ما يجب أن ننتبه إليه هو أن كل من كتبوا ذلك التاريخ من رجال الخديوي توفيق الخائن حاكم مصر الذى تصدى عرابى لظلمه وجبروته
وعلى رأسهم الدكاترة على باشا مبارك عضو جمعية الأعيان المصرية ورئيس وفدها إلى الخديوي بالإسكندرية ولكنه يفضل عدم العودة للثوار وينضم إلى الخديوي والإنجليز ثم يتصدى لكتابة تاريخ الثورة
وطبعا احمد شوقى كان فى ذلك التوقيت الذى كتب فيه قصيدته شاعر الأمير وما بالقليل ذا اللقب كما قال هو نفسه
وطبعا تناسوا جميعا أن إنجلترا ورجال الخديوي كانوا هم من حاول افتعال تلك الفتنة بين الأجانب والمصريين والتى كان اكثر ضحاياها من المصريين وليس من الأجانب
ولننتبه جيدا أن إنجلترا كانت فى ذلك التوقيت هى الإمبراطورية التى لا تغرب عنها الشمس وكان الجيش الإنجليزي هو أقوى جيش فى العالم
ويجب أن ننتبه أن ذلك التصدى الذى قام به عرابى للإنجليز فى كفر الدوار استمر خمسة أسابيع كاملة
أي أن عرابى تصدى لأقوى جيش فى العالم لمدة خمسة أسابيع كاملة وهزمه واجبره على الانسحاب من المعركة ولو كان لا يوجد إلا طريق كفر الدوار لدخول مصر لفشلت إنجلترا فى احتلالها لاستبسال وصمود ومقاومة جيش عرابى
ولنصل إلى الميدان الشرقي فى التل الكبير
لنجد السلطان العثماني ( السلطان عبد الحميد ) قد اصدر فرمانا سلطانيا بان عرابى مارق على السلطان وكافر وانه يخوض الحرب معرضا بلاد المسلمين للخطر ضد رغبة السلطان الذى أرسل جيش الخلافة الإسلامية لمحاربته وردعه
وقام الخونة بإيصال محتوى ذلك المنشور إلى جيش عرابى ولابد أن الكثيرين منهم تساءلوا هل من يموت تحت قيادة عرابى الكافر فى حربه ضد خليفة المسلمين وخليفة رسول الله يعتبر شهيد ؟؟؟
ثم كانت خيانة سلطان باشا رئيس مجلس الأعيان وشراؤه لبعض القبائل العربية بالمال لتنسحب من الجيش أثناء القتال وقد أنعمت عليه ملكة إنجلترا برتبة سير جزاء لخدماته للإنجليز وانعم عليه الخديوي بعشرة آلاف جنية كمكافأة
ويتساءل المؤرخون كيف عبر الجيش الإنجليزي المسافة من القصاصين إلى التل الكبير دون أن يكتشفهم العرابيين ويتخذون ذلك دليلا على غفلة العرابيين ويتناسون دور الخائن عبد الرحمن بك حسن الذى كان مكلفا بحراسة الطريق بقواته وإنذار المصريين عند اقتراب الإنجليز ولكنه تحرك بعيدا وترك الإنجليز يمرون دون أن ينذر المصريين
ونأتي إلى دور الخائن الأكبر الضابط على خنفس وقد قام بإرسال خطة المعركة إلى الإنجليز حيث كان قائدا لقلب الجيش المصرى وانسحب أيضا بقواته ليعطى الجيش الإنجليزي الفرصة ليحاصر جناحي الجيش المصرى
ولكن المؤرخين يختصرون كل ذلك بكلمة واحدة هى الخيانة وكأنها كانت أحد الأسباب وليست هى السبب الرئيس للهزيمة ولولاها لتغير وجه التاريخ كله ولكانت تماثيل احمد عرابى وضباطه تملا كل شوارع مصر إلى الآن
ولكن المصريين بوجدانهم النقى مازالوا يقولون فى أمثالهم
الولس ( أي الخيانة ) هزم عرابى
المصادر
الثورة العرابية لورد كر ومر ترجمة عبد العزيز عرابى
جريدة الوقائع المصرية 8، 10 أغسطس 1882
مذكرات عرابى الزعيم احمد عرابى
احمد عرابى مصر للمصريين د. حسين فوزى النجار
الخيانة هزمت عرابى عادل احمد سركيس
وهكذا نرى كيف يكتب المنتصرون التاريخ من وجهة نظرهم لا كما حدث فعلا
لهذا يجب أن نعيد قراءة التاريخ بكل دقة وحذر وان نحاول تنويع مصادر معلوماتنا وان نعمل عقلنا فيما نقرأ لعلنا نصل إلى الحقيقة كما كانت فعلا
أتمنى أن أكون قد نجحت فى مهمتى
جمال النجار
التاريخ
ذلك الماضى العريق المشرف الذى نتطلع إليه ونستحضره ليحفزنا لنستعيد ذلك المجد الذى كناه فى واقعنا ونكرره فى مستقبلنا
أو
هو ذلك الماضى المخزي المشين الذى نحرص على ألا يحدث فى واقعنا وألا يتكرر فى مستقبلنا
ندرسه لنستلهم منه العبرة ونعرف كيف كنا وكيف يجب أن نكون
ودراسة التاريخ وتسجيله ومحاولة تجسيده كما كان فى حقيقته هى مهمة المؤرخين
والمؤرخ الحق هو من يحرص على إعادة تجسيد التاريخ بكل أمانة ودقة كما كان وينقلنا معه لنعيش الحدث واللحظة كما كانوا فعلا
ولكى يفعل المؤرخ ذلك فيجب أن يتمتع بالحيادية التامة من الحدث واللحظة والمكان
أي يجب ألا تكون له وجهة نظر خاصة مسبقة فى الحدث (مع أو ضد) لأنه إذا كانت له وجهة نظر مسبقة سينقلنا إلى الحدث واللحظة والمكان كما كان ينبغى أن يكونوا من وجهة نظره هو وليس كما كانوا فعلا
أي انه سيكتب التاريخ ولن يسجله
وللأسف قليل من المؤرخين من تمتع بتلك الحيادية حتى قيل أن التاريخ كتبه المنتصرون أي أن ما وصل إلينا هو وجهة نظر المنتصر فى الحدث وليس الحدث ذاته
ولهذا رأينا التاريخ يمتلئ بالأبطال الأسطوريين المنزهين عن كل نقائص البشر والذين تتسامى صفاتهم حتى ترفعهم إلى مصاف الآلهة فى القوة والعقل والحكمة وكل الصفات الكريمة والنبيلة بطريقة تتعارض مع منطق كونهم مجرد بشر
ونجده أيضا يمتلئ بالمهزومين وقد وصموا بكل النقائص ونقاط الضعف البشرية والتى تتعارض مع المكانة التى أوصلتهم للصراع مع هؤلاء المنتصرون أنصاف الآلهة
وطبعا هى وجهة نظر المنتصر فى نفسه وفى خصمه كتبها بقوته وسلطته ورجاله ولكنها ليست هى حقيقة ما حدث
ولكنها اكثر ما وصلنا واكثر ما نمتلكه للأسف
وهذا يلقى صعوبة كبيرة أمام المؤرخ الحق الذى يريد أن يصل إلى تجسيد الحقيقة كما حدثت فعلا
ولهذا يجب على كل من يتصدى لدراسة التاريخ أن يقرأ كثيرا فى نوعيه الحدث الذى يبحث فيه أو يستشير أهل التخصص إذا لم يكن متخصصا فيه كما يجب عليه أن يدرس الظروف المحيطة بالحدث ذاته وان يبحث عن اكثر من مصدر للمعلومة إذا تيسر ذلك ويجب ألا يهمل البحث فى دقة تلك المصادر وتحرى مصداقيتها
وفى النهاية يعرض الحدث بكل دقة وأمانة من خلال الحقائق المجردة والأدلة الموجودة فقط
ولو كانت هناك فجوات فى الحدث فيجب ألا يحاول المؤرخ أن يملأها بوجهة نظره الخاصة بل يتركها كما هى ربما يأتي من بعده من يجد من الحقائق والأدلة ما يملأها به
أي أن مهمة المؤرخ هى محاولة استكمال الحدث بالحقائق والأدلة وعرض الصورة التى انتهى إليها بكل دقة وأمانة
وليست مهمته محاكمة الحدث (لان تلك هى مهمة المفكرين وليس المؤرخين)
ولكن للأسف قليل منهم من نجح فى ذلك
ويجب على المؤرخين أن يبتعدوا عن كتابة وجهة نظرهم فى التاريخ لانه سيأتي من بعدهم من يأخذ بها ويعتبرها هى التاريخ ذاته
ولكن للأسف أيضا قليل منهم من استطاع أن يقاوم ذلك الإغراء
ولكن الأمانة تقتضي عليه إذا فشل فى مقاومة ذلك الأغراء( وصمم على أن يقوم بدور المفكر ) أن يوضح بكل صراحة ووضوح أنها مجرد وجهة نظر وليست هى التاريخ
ولكن من يستطيع أن يقاوم أن يكتب التاريخ ولا يكتفى بتسجيله إلا من رحم ربى
نلخص ما قلناه
مهمة المؤرخ أن يسجل التاريخ وليس أن يكتبه
ويجب أن يتمتع بالحيادية التامة ويلتزم الدقة التامة والأمانة
ويجب أن يسعى لتوثيق وتدقيق المعلومة من اكثر من مصدر
وفى النهاية يعرض الصورة كما هى وليس كما ينبغى أن تكون
والآن لنحاول أن نعرف كيف نقرأ التاريخ
لابد أنكم لاحظتم تكرار اعتذارى كثيرا عن بشرية المؤرخين وضعفهم فهم فى النهاية بشر
ولهذا يجب أن نقرأ التاريخ لأكثر من مؤرخ وان نحاول توثيق ما نقرأه وان نحاول قراءة الوثائق فى أصولها وليس صورها مع الوضع فى الاعتبار أن الكثير من الوثائق تم تزويرها فى أصولها أيضا ولهذا يجب أن ننوع مصادر المعلومة ولا نكتفى بمصدر واحد لها
كما يجب أن نلجأ لأهل الاختصاص فى الحدث لنعرف منطقية المعلومة
كما يجب أن نبحث فى ما يحيط الحدث من ظروف وعوامل خارجية
وبعد ذلك يجب أن نعمل العقل تفكيرا فى كل ما وصلنا إليه لنحاول أن نصل إلى الحقيقة كما كانت فعلا
فدراسة التاريخ ليست ترفا لتمضية الوقت فقط بل ندرسه لنستفيد من أخطاؤه ونتجنبها أو لنستلهم روحه لتبث فينا القوة ونستمد منها الأمل
والآن لنأخذ الثورة العرابية بقيادة الزعيم احمد عرابى كأوضح مثال لكتابة المنتصرون للتاريخ وكيف يجب أن نقرأه لنصل إلى الحقيقة
بدأت وقائع تلك الثورة بتمرد احمد عرابى على سلطة الخديوي مما احدث الفتنة فى البلاد مما دفع إنجلترا للتدخل لحماية حقوق الأجانب والاقليات وقاوم احمد عرابى فى كفر الدوار مما دفع الإنجليز للالتفاف والدخول من قناة السويس واصطدموا بالعرابيين فى معركة التل الكبير وهزموهم لعدة أسباب منها جهل الضباط المصريين وسذاجتهم التى تصل إلى حد البله وهو ما ظهر جليا فى قضائهم الليلة السابقة على المعركة فى إنشاد الأناشيد الدينية واستحضار السيدة زينب والسيد البدوى ليقاتلوا معهم الإنجليز الذين هجموا فى الصباح على ذلك الجيش المتعب والمكون فى غالبيته من الغفر والفلاحين الذين لا يجيدون القتال وهكذا سقطت مصر تحت الاحتلال الإنجليزي بسبب سذاجة وضعف ذلك الجيش والخيانة .
وللأسف أننا نجد اسم الدكاترة على مبارك على قائمة من كتبوا ذلك التاريخ
وللأسف أيضا يظهر اسم أمير الشعراء احمد شوقى من بينهم وهو يهجو عرابى عند عودته من المنفى بقوله
صغار فى الذهاب صغار فى الإياب أهذا كل شأنك يا عرابى
وأول ما يجب أن ننتبه إليه هو أن كل من كتبوا ذلك التاريخ من رجال الخديوي توفيق الخائن حاكم مصر الذى تصدى عرابى لظلمه وجبروته
وعلى رأسهم الدكاترة على باشا مبارك عضو جمعية الأعيان المصرية ورئيس وفدها إلى الخديوي بالإسكندرية ولكنه يفضل عدم العودة للثوار وينضم إلى الخديوي والإنجليز ثم يتصدى لكتابة تاريخ الثورة
وطبعا احمد شوقى كان فى ذلك التوقيت الذى كتب فيه قصيدته شاعر الأمير وما بالقليل ذا اللقب كما قال هو نفسه
وطبعا تناسوا جميعا أن إنجلترا ورجال الخديوي كانوا هم من حاول افتعال تلك الفتنة بين الأجانب والمصريين والتى كان اكثر ضحاياها من المصريين وليس من الأجانب
ولننتبه جيدا أن إنجلترا كانت فى ذلك التوقيت هى الإمبراطورية التى لا تغرب عنها الشمس وكان الجيش الإنجليزي هو أقوى جيش فى العالم
ويجب أن ننتبه أن ذلك التصدى الذى قام به عرابى للإنجليز فى كفر الدوار استمر خمسة أسابيع كاملة
أي أن عرابى تصدى لأقوى جيش فى العالم لمدة خمسة أسابيع كاملة وهزمه واجبره على الانسحاب من المعركة ولو كان لا يوجد إلا طريق كفر الدوار لدخول مصر لفشلت إنجلترا فى احتلالها لاستبسال وصمود ومقاومة جيش عرابى
ولنصل إلى الميدان الشرقي فى التل الكبير
لنجد السلطان العثماني ( السلطان عبد الحميد ) قد اصدر فرمانا سلطانيا بان عرابى مارق على السلطان وكافر وانه يخوض الحرب معرضا بلاد المسلمين للخطر ضد رغبة السلطان الذى أرسل جيش الخلافة الإسلامية لمحاربته وردعه
وقام الخونة بإيصال محتوى ذلك المنشور إلى جيش عرابى ولابد أن الكثيرين منهم تساءلوا هل من يموت تحت قيادة عرابى الكافر فى حربه ضد خليفة المسلمين وخليفة رسول الله يعتبر شهيد ؟؟؟
ثم كانت خيانة سلطان باشا رئيس مجلس الأعيان وشراؤه لبعض القبائل العربية بالمال لتنسحب من الجيش أثناء القتال وقد أنعمت عليه ملكة إنجلترا برتبة سير جزاء لخدماته للإنجليز وانعم عليه الخديوي بعشرة آلاف جنية كمكافأة
ويتساءل المؤرخون كيف عبر الجيش الإنجليزي المسافة من القصاصين إلى التل الكبير دون أن يكتشفهم العرابيين ويتخذون ذلك دليلا على غفلة العرابيين ويتناسون دور الخائن عبد الرحمن بك حسن الذى كان مكلفا بحراسة الطريق بقواته وإنذار المصريين عند اقتراب الإنجليز ولكنه تحرك بعيدا وترك الإنجليز يمرون دون أن ينذر المصريين
ونأتي إلى دور الخائن الأكبر الضابط على خنفس وقد قام بإرسال خطة المعركة إلى الإنجليز حيث كان قائدا لقلب الجيش المصرى وانسحب أيضا بقواته ليعطى الجيش الإنجليزي الفرصة ليحاصر جناحي الجيش المصرى
ولكن المؤرخين يختصرون كل ذلك بكلمة واحدة هى الخيانة وكأنها كانت أحد الأسباب وليست هى السبب الرئيس للهزيمة ولولاها لتغير وجه التاريخ كله ولكانت تماثيل احمد عرابى وضباطه تملا كل شوارع مصر إلى الآن
ولكن المصريين بوجدانهم النقى مازالوا يقولون فى أمثالهم
الولس ( أي الخيانة ) هزم عرابى
المصادر
الثورة العرابية لورد كر ومر ترجمة عبد العزيز عرابى
جريدة الوقائع المصرية 8، 10 أغسطس 1882
مذكرات عرابى الزعيم احمد عرابى
احمد عرابى مصر للمصريين د. حسين فوزى النجار
الخيانة هزمت عرابى عادل احمد سركيس
وهكذا نرى كيف يكتب المنتصرون التاريخ من وجهة نظرهم لا كما حدث فعلا
لهذا يجب أن نعيد قراءة التاريخ بكل دقة وحذر وان نحاول تنويع مصادر معلوماتنا وان نعمل عقلنا فيما نقرأ لعلنا نصل إلى الحقيقة كما كانت فعلا
أتمنى أن أكون قد نجحت فى مهمتى
جمال النجار
جمال النجار- من كبار الشخصيات
-
رقم العضوية : 15
عدد المساهمات : 53
تاريخ التسجيل : 11/02/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى